التجهيزات الفندقية وقطاع خدمات الضيافة شهدت تطورات عديدة على مدار السنوات الأخيرة، حيث أصبحت التطبيقات التكنولوجية و الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتطورة جزءًا هامًا في مجال صناعة الضيافة ، وقد حرصت الفنادق على تغيير طريقة عملها حتى تواكب الأحداث العالمية وتطلعات جيل الألفية.
فوجود الأجهزة والأنظمة التكنولوجية في الفنادق أصبح أمرًا هامًا يتوقعه النزلاء والضيوف المقبلين على المنشأة، ومن هنا سطع مفهوم الفندق الذكي ” Smart Hotel ” بشكل كبير في دول العالم، أو على الأقل بدأت الفنادق بإضافة بعض التكنولوجيات لتسهيل إجراءات العمل وتقديم خدمة مميزة للنزلاء، خاصة في ظل تزايد المنافسة في قطاع السياحة والفندقة، حيث أصبحت أحدث التقنيات هي السبيل إلى مواكبة هذا التنافس.
والفندق الذكي هو فندق يستخدم الأجهزة المتصلة بالإنترنت القادرة على التواصل أو التفاعل مع بعضها البعض، ويشار إلى هذا أحيانًا باسم إنترنت الأشياء ” Internet of things – IoT ” ويعني أن الأجهزة أو الأدوات يمكنها إرسال أو استقبال البيانات، مما يجعلها ” ذكية – Smart ” وقادرة على التواصل مع بعضها البعض وتوفر للمستخدمين القدرة على التحكم في أجهزة متعددة من نقطة تحكم واحدة، مثل التحكم عن بعد بواسطة الهاتف الذكي أو الجهاز اللوحي أو من خلال أنظمة التحكم الصوتي، وعلاوة على ذلك، غالبًا ما تكون الأجهزة قادرة على العثور على المعلومات واستخدامها من الإنترنت، مما يسمح لها بالاستجابة بذكاء لطلبات المستخدم.
وتشير تقنية الضيافة ” Hospitality Technology ” إلى الابتكارات التي تساعد المطاعم والفنادق على العمل بسلاسة أكبر،فتسهيل عمليات التشغيل تعد أحد أسباب اعتماد الفنادق على التكنولوجيا الحديثة واستخدام الذكاء الاصطناعي في خدمة الضيافة ، والتي سنوضحها تالياً :
1- تحسين التواصل مع العملاء :
إن الاحتفاظ بالعملاء وزيادة ولائهم يعتبر أحد أكبر التحديات التي تواجه الفنادق، فهو الجزء الأهم في أي عمل يقوم على الخدمة والضيافة ، فمن الضروري أن تقدم خدمة سريعة مع الاحتفاظ بالتواصل الدائم مع الضيوف وأن تحقق توقعاتهم، وقد يكون من الصعب تلبية جميع متطلبات العملاء باستمرار والحفاظ على الخدمة الراقية دون التأثير سلبًا على سمعة الفندق ، ولعل التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي قد ساهما بشكل كبير في حل هذا التحدي، من خلال تسهيل طرق التواصل في الفندق سواء على مستوى الاتصال مع العملاء أو ما بين العاملين وبعضهم البعض وتمكين التواصل بين الأقسام المختلفة في الفندق، من أجل الاستجابة لطلبات الضيوف بشكل أكثر كفاءة.
كما ساعدت التقنيات الحديثة في تقديم عدة خدمات بصورة سلسة تحسن من عملية التشغيل والمهام اليومية، بداية من توفير منصات اتصال متعددة للعملاء تساعد على الرد على استفساراتهم والاستعانة بـ ” روبوت الدردشة ” أو الـ ” Chatbot ” وهو برنامج كمبيوتر يستخدم الذكاء الاصطناعي (AI) ومعالجة اللغة الطبيعية “NLP – Natural Language Processing ” لفهم أسئلة العملاء وأتمتة الردود عليها، ومحاكاة المحادثة البشرية، أو من خلال استخدام برامج وتطبيقات متعددة. حيث تساعد هذه المنصات في تحسين تجربة الضيف من خلال تسهيل الوصول إلى جميع المعلومات التي قد يحتاجها مثل تفاصيل الحجز أو موعد فتح المطاعم القريبة أو طلب خدمة الغرف أثناء إقامته عبر أحد التطبيقات.
كل هذا إلى جانب استخدام بعض الأجهزة التكنولوجية التي توفر التواصل الفعال بين الضيوف الأجنبية مثل استعانة فريق الفندق بأجهزة الترجمة المتطورة والتي تساعد العاملين على التواصل الجيد مع كافة الضيوف من مختلف الجنسيات وتجنب سوء الفهم.
2- جمع وتحليل البيانات
أصبحت قاعدة البيانات الضخمة وهي ما تعرف بالـ “Big Data ” ذات أهمية متزايدة لصناعة الضيافة، حيث تساعد الأنظمة المتقدمة لجمع البيانات في الفنادق على تخصيص تجربة الضيف ،أي تقديم تجربة ملائمة لكل ضيف على حدى وفقًا لتفضيلاته واتجاهاته والبيانات المتاحة عنه، حيث تُمكِّن وفرة البيانات وتحليلها من تقديم العروض ذات الصلة لعملائها، ومساعدة شركات الضيافة على اتخاذ قرارات استراتيجية أكثر استنارة، وعمل خطط وحملات تسويقية تناسب احتياجات كل عميل من خلال اختيار الوقت والأسلوب والوسيلة المناسبين له.
وتساهم الأدوات الآلية جمع وتحليل مجموعة واسعة من البيانات القيمة حول تفضيلات العملاء وعاداتهم، ويمكن لموظفي الضيافة استخدام تلك الاتجاهات والأنماط الفردية لتعزيز تجربة الضيوف وتخصيصها، فعلى سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي تسليط الضوء على البيانات ذات الصلة أثناء مكالمة الحجز وحث الموظف على توقع احتياجات العملاء من خلال تقديم نوع الغرفة أو الخدمات التي حجزها سابقًا.
ومن خلال الاحتفاظ تلقائيًا بتفضيلات وملاحظات الضيوف أثناء إقامتهم، يتم استقبال ذات الضيوف بشكل مختلف عند عودتهم مرة أخرى للفندق ، مثل طلبهم وسائد إضافية واختيارهم لنوع غرفة محدد أو وجبة مفضلة على العشاء، ففي حالة عودة نفس الضيوف، يمكن لموظفي الفندق استيعابهم بشكل مناسب وتقديم الخدمات التي حرصوا عليها في الزيارة السابقة، وهو ما يزيد من ولائهم وشعورهم بالتميز.
تطبيقات ونماذج تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الفنادق :
1- نظام الدخول بدون مفتاح التجهيزات الفندقية – Keyless Entry System :
تتوافر في الفنادق الذكية خاصية الدخول بدون مفاتيح مادية، فقد يصبح الوضع الشائع لفقدان مفتاح الغرفة شيئًا من الماضي قريبًا، فمن خلال هذه الأنظمة لن يواجه الضيوف عناء طلب المفتاح من مكتب الاستقبال، ولن تضطر الفنادق إلى استبدال المفاتيح المفقودة.
حيث تعتمد أنظمة الدخول على نماذج تطبيقات حديثة توفر عملية استلام سريع ودخول سلس للغرف، فإما من خلال استخدام” Barcode ” خاص بالغرفة يتم إرساله على تطبيق الهاتف ” Mobile Check-in ” الذي سبق وقام العميل بتحميله، ومن ثَم يستخدم هذا الرمز للدخول بمجرد تمريره أمام مقبض الباب.
أو من خلال استخدام بصمة اليد، وقد تستخدم فنادق أخرى تقنية التعرف على الوجه ” Facial Recognition ” من خلال كاميرا خاصة أمام باب الغرفة، حيث يبدأ الأمر بتصوير النزيل أثناء تسجيل الدخول للفندق وحجز الغرفة، وعند التحقق من هيئة الضيف بواسطة الكاميرا يفتح باب الغرفة تلقائيًا، كما أن تقنية التعرف على الوجه لها العديد من التطبيقات الأخرى، على سبيل المثال يُمكن أن تساعد تلك التقنية العاملين في تحديد ضيوف كبار الشخصيات وتحديد الأشخاص الذين أحدثوا مشكلة مسبقًا.
2- الغرف الذكية التجهيزات الفندقية – Smart Rooms :
يُشير مصطلح الغرف الذكية إلى الغرفة التي تستخدم إنترنت الأشياء، حيث تتصل أجهزة الغرفة بالإنترنت، وبذلك تمتلك العديد من الأجهزة والأشياء الموجودة في الغرفة القدرة على إرسال المعلومات الرقمية واستلامها، مثل التلفاز والإضاءة والستائر وغيرها.
غالبًا ما يُشار إلى الأجهزة المزودة بهذه القدرة على أنها أجهزة ” ذكية “، وتشمل غالبًا تكنولوجيا الغرف الذكية التحكم الصوتي والأتمتة وكفاءة الطاقة وتحسين الاستجابة، وقد تكون التكنولوجيا داخل الغرفة قادرة أيضًا على التفاعل مع الهواتف الذكية الشخصية للضيوف.
حيث يمكن أن تسمح أدوات التحكم في الغرفة الذكية للضيوف بضبط غرفتهم بالطريقة التي يريدونها، من حيث درجة الحرارة والإضاءة وتكييف الهواء، كما يمكن للضيف أن يُفعل وضع النوم بضغطة زر أو من خلال جملة صوتية يقولها، فيقوم النظام تلقائيًا بإغلاق الستائر وإطفاء التلفاز وغيره من الأجهزة الترفيهية وغلق الإضاءة، دون الحاجة إلى غلق كل جهاز يدويًا، بالإضافة إلى إمكانية ضبط الأجهزة دون الحاجة إلى التواجد داخل الغرفة، فعلى سبيل المثال يمكن للضيف تشغيل وضبط أجهزة التكييف قبل وصوله للغرفة شخصيًا.
كما تتوافر في الغرف الذكية بعض الأجهزة المتطورة التي تساعد العميل على الوصول لأعلى مستويات الرفاهية، ومن بينها جهاز تعقيم وكَي الملابس، وهو عبارة عن دولاب ملابس إلكتروني، يستطيع النزيل تعليق ملابسه بداخله ويضبط الجهاز، وفي صباح اليوم التالي يجد جميع الملابس معقمة وتم كيَّها بالبخار.
3- تكنولوجيات التدبير الفندقي في التجهيزات الفندقية – Housekeeping Tech :
تلعب التكنولوجيا دورًا مهمًا داخل التجهيزات الفندقية وخدمة الغرف، سواء على مستوى تنظيم عمليات التنظيف والترتيب، أو من خلال الاستعانة بالآلات التكنولوجية للمساعدة في خطوات ومهام التنظيف.
فمع الثورة التكنولوجية في الفنادق يُمكن أن يحدث الذكاء الاصطناعي المدعوم بإنترنت الأشياء (IoT) فرقًا، حيث توفر التكنولوجيا المستخدمة في قسم التدبير الفندقي القدرة على التواصل الفعَّال بين موظفي القسم من الإتصال ببعض عبر أجهزة لوحية أو أجهزة محمولة صغيرة الحجم أو من خلال هواتفهم المحمولة وهو التوجه إلى ما يسمى بـ” Mobility Technology ” حيث يتمكن موظفو التدبير المنزلي من الاتصال ببعض بسهولة ومعرفة تطورات الأعمال.
خاصة وأن تلك الأجهزة متصلة بالبرمجيات التي يستخدمها العميل بالغرفة وبذلك سيحدد مسئول خدمة الغرف أرقام الغرف التي تحتاج للعناية والغرف التي تم تنظيفها بالفعل أو قد يضع العميل غرفته على وضع ” عدم الإزعاج ” باستخدام الأجهزة الرقمية بالغرفة ومن ثم سيعرف مسئول خدمة الغرف تلقائًيا الغرف التي يجب تجنبها، بالإضافة إلى معرفة اسم الموظف المسئول عن كل غرفة، إن كل عامل يقوم بتسجيل كافة التفاصيل خلال دوام عمله بسهوله ويسر مما يتيح فرصة مشاركة المعلومات مع باقي أعضاء الفريق.
ونكمل انه من خلال الرقمنة والتكنولوجيا :
فمن خلال الاعتماد على أنظمة وبرامج خاصة بالتدبير الفندقي، يتمكن فريق العمل من تنظيم جداول الأعمال والمهام المطلوب إنجازها بشكل يومي، وتسمح للمديرين متابعة ومراقبة الأعمال ومستوى الموظفين، إلى جانب المساعدة في الجدولة وكشوف المرتبات وتنظيم دوريات العمل، إلى جانب تسجيل معلومات عن العملاء وتفضيلاتهم، حيث تمنح البرامج المتطورة تكامل بين جميع أقسام العمل وتواصل ذكي بين كلا من الأجهزة والأفراد العاملين، مما يتيح للفندق تحسين الكفاءة وتتبع التقدم وتقديم أرقى خدمة للضيوف.
وعلاوة على ذلك توفر التقنيات التكنولوجية حلولًا مبتكرة لتنقية هواء غرف الفندق، فإنه نظرًا لازدياد أهمية نقاء الهواء داخل الفنادق ، وكون الضيوف أكثر وعيًا بأهمية هذه المشكلة من أي وقت مضى، اهتمت العديد من الفنادق حول العالم باستخدام أجهزة تنقية الهواء المختلفة والتي لديها القدرة على إزالة أكثر من ٩٩٪ من الملوثات والشوائب بالهواء للتحسين من جودة الهواء وتوفير بيئة نظيفة وغرف خالية من الملوثات.
كما تعتمد الفنادق على استخدام الحلول التكنولوجية في الغرف لتسهيل عملية التنظيف على فريق العمل مثل تدعيم سرير الغرفة بأجهزة ميكانيكية تقوم برفعه بالكامل” Bed Lifting System” حتى الانتهاء من التنظيف أسفل السرير دون الحاجة لأي مجهود بدني.
وفي النهاية يمكننا الإشارة إلى أن قدرات الذكاء الاصطناعي تتطور بشكل هائل وقادرعلى إبهارنا بصورة مستمرة، ويسعى الخبراء في توظيف تلك التطورات لخدمة قطاع الضيافة و التجهيزات الفندقية لتحقيق الهدف الرئيسي من عملية الضيافة ألا وهو تقديم خدمة فريدة للعملاء والظهور بشكل متميز وسط البيئة التنافسية التي تتضمنها المنشآت الفندقية، ولكن علينا إدراك أيضًا أن الاستعانة بالتكنولوجيات ليست فقط عامل جذب للعملاء ومظهر حضاري ولكنها تساهم في ارتفاع حجم أرباح الفندق ونسبة العوائد وتقليل التكاليف كذلك.
وبشكل عام يجد الخبراء أن الفنادق التي تتجه نحو الاستدامة واستخدام التطبيقات التكنولوجية لتحسين الخدمة وتقليل الاستهلاك والسعي نحو عدم الإضرار بالبيئة مثل الفنادق الذكية والفنادق الخضراء هي من لديها القدرة على الاستمرارية والمنافسة بقوة .